بسم الله الرحمن الرحيم
حق الزوجة على زوجها
أخي الزوج أختي الزوجة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ..
فإن لكل واحد منكما حقوقاً وواجبات على الآخر ، وهذه الحقوق ثابتة في الشرع الحكيم ؛ لقول الله تعالى : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] . ولقوله صلى الله عليه وسلم : " إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً" رواه الترمذي وصححه .
وللزوجة على زوجها حقوق كثيرة من أهما :
1- أعظم حق هو وقايتها من النار : وذلك بحثِّها وأخذها على الخير ونهيهها عن الشر قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ( التحريم : 6 ) .
وكذلك حثها على الصلاة خاصة ، فقد قال تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) (طه : 132) . وكما سبق أن الزوجة التي لا يصلي زوجها يجب تركه ومفارقته ، كذلك هنا من لا تصلي لا يجوز البقاء معها .. ومن وقاية الأهل : أن تحثهم على الالتزام بالحجاب والعفة .
2- النفقة عليها : النفقة على الزوجة وكسوتها من الحقوق الواجبة على الزوجة والتي فرط فيها الكثير من الناس ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن حق الزوجة عليه : ( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوِ اكْتَسَبْتَ ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود . وتكون النفقة بالمعروف وما هو متعارف عليه في البلد ، مع الحذر من المال الحرام .
والنفقة على الزوجة فيها أجر عظيم فقد قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا أنفق الرجل فهي له صدقة ) متفق عليه ، وذلك إذا كان يريد بها وجه الله تعالى ويحسن النية فيها .
3- عدم ضربها بغير سبب ، ضرب الزوجة لا يجوز إلا للحاجة مثل : لو نشزت وترفعت على زوجها ، ويكون ضرباً خفيفاً ، وقد أباح الله تعالى الضرب فقال : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً )(النساء: من الآية34) .
ولا يكون الضرب في الوجه قال صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .
4- لا تهجرها إلا في البيت : لا تهجر زوجتك في غير البيت فتخرج وتغيب عنها أو تتركها في بيت أهلها ، ويكون هذا الهجر بينكما ولا يحس بكم الأولاد حتى لا يحصل هناك شيء من الحساسيات ، وتأثر الأولاد عندما يرون الأب يضرب أو يهجر أمهم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .
5- ولا تقول قبَّح الله وجهك : عليك أيها الزوج أن تراعي مشاعر زوجتك وأن تتلفظ معها باللفظ الحسن ولا تجرح المشاعر تأتي بألفاظ قبيحة لا تليق ، قال صلى الله عليه وسلم : ( وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .
6- العدل بين الزوجات : يجب على الزوج أن يعدل بين أزواجه ، ويكون العدل في أموركثيرة ، منها : الطعام والشراب والكسوة والسكن والمبيت ، ولا يلزم القسم فيما لا يملك من الحب ونحوه ، وقد حذر صلى الله عليه وسلم من عدم العدل فقال : ( من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً ) .
7- عدم نشر سرها : من حقوق الزوجة على زوجها أن لا يفشي سرها وأن لا يذكر عيباً فيها ؛ إذ هو الأمين عليها والمطالب برعايتها ، وأعظم المنكرات نشر ما يدور بينهما حال الجماع ونحوه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " رواه مسلم .
8- مساعدتها في بيتها : وهو من الأمور المستحبة والتي تسعد الزوجة ، وتريحها من عناء البيت ، فعن عائشة رضى الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ; إذا دخل البيت كأحدكم يخيط ثوبه و يعمل كأحدكم ) رواه البخاري ، وفى رواية : ( كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ) .
9- مساعدتها في تربية الأبناء : الكثير من الأزواج يترك عبأ الأولاد على أمهم ولا يهتم بهم وهذا بلا شك لا يصح منه بل الواجب على الزوجين التعاون على تربية البناء التربية الصحيحة .
10- السماح لها بالخروج إذا احتاجت لذلك : على الزوج أن يسمح لزوجته بالخروج إذا احتاجت إليه ، كزيارة أهلها وأقاربها وجيرانها وكذلك إذا استأذنته بالخروج إلى صلاة الجماعة وكان خروجها شرعياً بحيث لا تمس طيباً ولا تخرج بزينة تفتن بها الرجال فمن السنة أن يأذن لها ولكنه ينبغي أن ينصحها بأن صلاتها في بيتها أفضل لها .
11- الغيرة عليها : أن يغار عليها في دينها وعرضها ، إن الغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم ، وإن تمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الحقة والشريفة.
ولا يعني ذلك سوء الظن بالمرأة والتفتيش عنها وراء كل جريمة دون ريبة ، فعن جابر بن عتيك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن من الغيرة غيرةٌ يبغضها الله وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة ) [رواه أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني في الرواء].
12- إشباع رغباتها الجنسية : فللمرأة غرائز وشهوات جنسية يجب على الزوج إشباعها حتى لا تلجأ للحرام ، وكثير من الأزواج لا يهتم إلا بنفسه ورغبته الجنسية فمتى ارتاح ترك الزوجة وهذا خطأ ، فيجب أن ينتظر حتى تقضي نهمتها ..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف؛ وهو من أوكد حقها عليه: أعظم من إطعامها . والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة. وقيل: بقدر حاجتها وقدرته ؛ كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته. وهذا أصح القولين.اهـ
13- شكرها على ما تقوم به من أعمال : فعلى الزوج أن يقوم بشكر زوجته على ما تقوم به من خدمة وتربية لأولاده ، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) رواه أبو داود وابن حبان وأحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع [ 7719]
14- تحمل الأذى والصبر على ما يصدر من أمور : على الزوج أن يتحمل أذى زوجته ويتغافل عن كثير مما يبدر منها رحمة بها وشفقة عليها وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف فقال : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [النساء : 19].
تحذير : أيها الزوج احذر من :
- السهر خارج المنزل : فكثير من الأزواج لا يطيق الجلوس في المنزل فتراه دائم السهر والخروج مما يسبب المشاكل الزوجية ، الكثير لا يبالي بمشاعر الزوجة فيتركها وحيدة بين جدار غرفتها ، وهذا ليس من المعاشرة بالمعروف .. وقد قال صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي الذي يقوم الليل ويصوم النهار ( إن لأهلك عليك حقا ) .. فلتحذر من السهر لساعات طويلة وتترك زوجتك وحدها .
- احذر من الغيبة الطويلة في السفر : قد يسافر الزوج لطلب الرزق أو أمور أخرى ، ولكن عليه أن يراعي في سفره أن يكون قصيراً قدر المستطاع ، فمتى قضى أمره رجع إلى أهله ..
قال صلى الله عليه وسلم : ( السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه ، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه ، فليعجل الرجوع إلى أهله ) رواه احمد وصححه الألباني .
ولكن قد تضطر الظروف الزوج إلى الإقامة مدة طويلة ، لظروف معينة ، فلا بأس إذا لم يضر ذلك بالزوجة ، وتكون راضية .
وفقكما الله للحياة السعيدة ، والله تعلى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .