بسم الله الرحمن الرحيم
( 28 ) التسول لأجل الخبز والحشيش : « كتب ( كنيث جنور ) الصحفي الأنجليزي مراسل صحيفة ( ديلي ميرور ) الواسعة الإنتشار في صفحتها الاولى من كابل : قام شاب إنجليزي في الثامنة عشرة من عمره ، خريج مدرسة ( هارو ) وابن أحد الأغنياء الإنجليز بالتسول في شوارع كابل للحصول على الأرز والحشيش . وهو لا يختلف عن غيره من الشباب الأنجليز الذين يجلسون على أرصفة شوارع كابل يمدون يد العوز نحو الناس . إنني كنت أخجل إذ أرى أبناء وطني في أسوأ أوضاع الاستجداء من أجال حشيش ولقمة خبز .
قبل عدة أيام نشرت منظمة تحرير العبيد الإنجليزية تقريراً كتبه ( بيتر ويلي ) ، إن الصورة التي رسمها ( ويلي ) عن الشباب التعساء مؤلمة حقاً . فهو يقول : إنني لا أستطيع أن أنسى مشهد هؤلاء الفتيات والفتيان ، وأكثرهم من الإنجليز ، الذين وقعوا ضحية الجهل والغفلة والعجز والظروف السيئة . إن الأفغانيين يتصرفون معهم كأنهم حيوانات ، ويقذفون إليهم بكل حقارة حصتهم من الحشيش وفضلات الطعام . وفي داخل الفنادق التي يصعب التمييز بينها وبين المواخير القذرة ، يعيش عدد كبير من الشباب ، وعددهم يزداد باستمرار ، وأكثرهم من خريجي المدارس العالية ، وهؤلاء لا يتورعون عن بيع أنفسهم ورفيقاتهم الفتيات من أجل الحصول على الحشيشة » (1) .
أضرار الادمان : والآن فإن عدداً من فتياننا وفتياتنا يقلدون الشباب التعس في الغرب ، وينساقون وراء المخدرات ، دون الإلتفات إلى المنافع والمفاسد والمقارنة بين
____________
(1) صحيفة كيهان ـ العدد ( 8420 ) . ( 29 )اللذائذ المحصلة والآلام التي تستتبعها ، ومن ثم يسقطون في الإدمان المضر الذي يدفع بعض هؤلاء إلى الانتحار ، والبعض الآخر يلجأ إلى الاستجداء ، أو السرقة ، أو الأعمال المخجلة ليعيش بقية حياته عالة على المجتمع .
إن الأحرار وأصحاب الإرادة لا يجعلون من أنفسهم أسرى للعادات المضرة ، لأنهم يعلمون أن ( العادة والإدمان ) نوع من ( الأسر ) أما الإنسان الحر ذو النفس الكريمة فلن يرضى بالأسر ولن يستسلم للذل والانحطاط .
ان شبابنا لو فكّروا بدقةٍ في مصير المدمنين من الفتيان والفتيات ، وتعاسةِ هؤلاء ، فإنهم لن يورّطوا أنفسهم بأنواع الآلام النفسيه والجسمية من أجلِ لذة وقتية سرعان ما تزول ، ويجلبوا لأنفسهم الفشل والإنحاط الدائم .
عن علي بن الحسين عليه السلام قال : « لا تعط نفسك ما ضره عليك أكثر من نفعه » (1) .
العلاقات الجنسية في إطار القانون : طبقاً للتعاليم الإسلامية ، فإنه يسمح للنساء والرجال أن تكون لهم علاقات جنسية وفق ضوابط وقوانين ، كما أن العلاقات هذه إذا خرجت عن الموازين القانونية تعتبر عندئذ من الخطايا وغير مشروعة .
إن هذا التحديد تقرر بأمر حكيم من الله تبارك وتعالى ليؤمن الخير والصلاح للناس ، وليلعب دوراً مؤثراً في طهارة الجيل ، والعفة الإجتماعية وحفظ عواطف الزوجين ، وتعزيز أساس العائلة ، وبقية شؤون الحياة .
إن الإنسان ، ( بسبب رغباته النفسية ) يطالب بحرية الغرائز دون قيد أو شرط ، وطبعاً لا يرضى بتحديد الغريزة الجنسية ، لكنه لا يدرك جوانب خيره وشره ، ولا يعرف صلاحه وفساده ، ولكي يصل إلى الكمال الإنساني عليه أن يغض الطرف عن رغباته غير الشرعية ويطيع أمر الله تبارك وتعالى ويستسلم
____________
(1) بلاغة علي بن الحسين ص 110 . ( 30 )للتعاليم الدينية التي تضمن له السعادة .
عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قال الله جل جلاله : يابن آدم أطعني فيما أمرتك ولا تعلمني ما يصلحك » (1) .
الصلاح والفساد الحقيقيان : إن الذات القدسية الإلهية هي المشروع في الإسلام ، الذي وضع جميع القوانين والقرارات الدينية على أساس المصالح والمفاسد الحقيقية ، وعدم الإهتمام بأي من هذه القرارات الإلهية والتهرب من أدائها ، هو ابتعاد عن الصلاح وميل نحو الفساد ، ينتهيان بضرر الإنسان ويصيبان سعادته بالضرر المادي والمعنوي .
عن علي عليه السلام قال : « لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه » (2) .
العالم الغربي والجنس : منذ زمن والغرب ينساق في الإفراط بالقضايا الجنسية ، وحطم الكثير من موازين العفة والأخلاق . فهو لم يسمح للنساء والرجال ، شباباً وشيوخاً ، بإقامة العلاقات الجنسية بحرية فحسب بل إن بعض البلدان أجازت وسمحت بالإنحراف الجنسي ، وأعطته صفة قانونية .
إن هذا الأمر جاء بمفاسد مختلفة حيث يعود قسم من جرائم العالم الغربي إلى الانحلال الخلقي والحرية الجنسية .
إن ( المتغربين ) في بلداننا ، الذين يتبعون بشكل أعمى الغربيين بحثاً عن السعادة ، يأملون بتنفيذ برنامج الغرب في العلاقات الجنسية في مجتمعنا ، وفتح الأبواب الواسعة أمام الذكور والإناث لإشباع رغباتهم خارج إطار القانون
____________
(1) بحار الأنوار ج 15 ، ص 155 .
(2) نهج البلاغة الكلمة 103 . ( 31 )بهدف الحصول على اللذة ، غافلين عن أن تنفيذ هذا البرنامج في مجتمعنا غير ممكن ، ونظراً للاختلافات الموجودة بين مجتمعنا والمجتمعات الغربية ، فإن تلك العلاقات تخلق مفاسد تكون أكبر بكثير وأخطر من مفاسد الغرب .
مجتمعنا والمشاعر الدينية : يتكون معظم مجتمعنا من اُسر تعنتق الدين الإسلامي ، وتعتبر العلاقات غير القانونية بين الذكور والإناث غير شرعية وهي خطيئة يعاقب عليها ، والآباء والاُمهات المؤمنون لا يسكتون أمام التصرفات المخالفة للعفة لدى أبنائهم . ومن المؤكد أنه ستظهر اختلافات شديدة بين الشيوخ والشباب بسبب علاقات الخطيئة والزنا بين الشباب .
ففي محيطنا الإجتماعي تعتبر العلاقات غير القانونية بين المرأة والرجل الأجنبي وصمة عار على الأبوين وسوء سمعة للعائلة كلها ولا توجد عائلة ، حتى تلك التي لا تتقيد بالدين ، ترضى بهذا العار وتتحمل أن يشار إليها بالبنان في المحافل والمجالس . وقد ينتهي الأمر بالقتل والجريمة إذا ما اضطرت مثل تلك الاُسر إلى إبداء ردود فعل معينة لإزالة هذا العار ونتيجة كل ذلك تقع أضرار لا يمكن تعويضها ، حيث توجد الآن قضايا عديدة أمام المحاكم من هذا القبيل .
نتيجة البحث : من مجموع البحث نستنتج أن شباب الشرق ، في عالم اليوم ، ملزمون بتعلم العلوم الطبيعية وفنون الصناعة لعلماء الغرب ، والاستفادة من تجاربهم في الفروع المختلفة ، والتقدم مع التطور العلمي العالمي وتجهيز أنفسهم للتطور الصناعي ، ولكن بشرط أن يكون التقليد واعياً وبالمقدار الصحيح في إطار العقل والمنافع ، وليس أن يجعل الشرقيون من أنفسهم عبيداً للغربيين .
إن التقليد غير المشروط للأساليب الغربية جميعها ، يعني تقبل الكثير من الرذائل الأخلاقية والصفات الإجتماعية المنحطة .
( 32 ) إن مثل هذا التقليد يجر شباب الشرق نحو الشهوات المخالفة للعفة ، وإلى الإدمان المضر ، والخطيئة والجريمة والفساد والضياع . مثل هذا التقليد يوجِّه ضربة نحو إيمان الناس ويفسد أخلاق المجتمع ، ويقضي على القيم الوطنية .